حديقةٌ داخليّة

كتابة منيرة راشد المرشد 

(1)

- هيَ –

أتدرين؟ 

قال لي أن أزرع

من دونِ مزيدِ توصيةٍ ولا توجيه

أرضٌ خصبةٌ لا أدري ما بها أصنعْ

قال لي: بالخوضِ ستفهمين 

تجربةً بها تستمرّين، خبرةً تجعلُ الإنسانَ في الشأنِ أبرع

إذن سأغرسُ بذرتين ... هكذا قرّرت

سؤالينَ هما... ببحثهما أَنشُد التجدّد

وبالله أستعين 

...

(2)

– البذرة رقم.1 – 

أتعلمين؟ 

منكِ أُريدُ انتباهاً فقط

به أتنّفسُ وأتغذّى وأستكين

الألفةٌ بيننا ستنمو مع الأيّام

وبسرعةٍ أيضاً

حينَ عليّ تعتادين

دعيني أكبرُ لتكبُرَ المتاهةُ... وتزدادَ المسافةُ

بينكِ والتجدّد

وتحتارين

...

(3)

– البذرة رقم.2 – 

أتُنصتين؟

نموّي هادئٌ وبطيء... وأحياناً جدّاً

أكبرُ بالثوابتِ... ماءٌ وهواءٌ وضوءْ

وأبعدي عنّي السَوءْ

وتعهديني بالرعايةِ والرقابةِ كيفما شئتِ

وبأيّ الطُرقِ المحمودةِ وجدتِ

ثمراً تحصدين

وكلّما الفصلُ من الفصولِ السنويةِ يحين ... ستُزهرين

... 

(4)

– هيَ –

أتسمعين؟

قد أخفقتْ

زمناً استغرقتْ ... وللأولى من طاقتي بَذلتْ

ولم يَنبُتْ سوى حَطَب ... وبعضُ أعشابٍ تضرّ

تتكاثرُ ... تتشابكُ ... ولا تجعلني أَمُرّ

إلى التّجدّدِ إلى الثمرْ ... حيثُ أظنّ أني أُريد

أَفُكّ التشابُكَ تلوِ التشابِكِ ... وأُعيد

تتشابُه هيَ ولا تنفكُّ تتكرّر

فهل من سبيلٍ أقطعُ به عنها الحياةَ ... ولا أخسرُ الأثرْ

...

(5)

– البذرة رقم.1 –

أتعلمين؟

كَبُرتُ هنا

وقد كُنتُ فيما مضى عابرة

أُفتّشُ عن مُلتفِتٍ لي مُضيف ... أَرضُه حائرة

أقطع به هذا السفر ... ولديه أستقرّ

وجدتُ هنا

انتباهاً مُوجّهاً لي ... وباباً نحوي مفتوح

أيقظَ الطُموح

فكبرتُ هنا ... وصنعتُ في الأرضِ دائرة

لا تنتهي

كانت كما يقولون حينَ تلتهمُ أفعى ذيلها

نحوَ ماذا هيَ سائرة؟

...

(6)

– البذرة رقم.2

أتعلمين؟ 

كنتُ مُؤجّلة

كُنتُ كذلك ... حتّى تُحلَّ مع أُخرى مشكلة

طالَ الأجلْ

أنا تحتَ الأرض لمْ تَصِلْني حاجتي من العملْ

كانت تقولُ أنّي الأساسُ ... فالغايةُ الثمر

كانت تقولُ أنّها لأجلِ الغايةِ ستُكرّسُ العُمُرْ

كانتَ تُغنّي أنّ

غَرْسي حيّويةٌ 

وسُقيايَ إنجازٌ مَليء

ومُراقبتي ترقّبٌ مُمتع

وحملي سرور 

أنّ

امتدادي دهشةٌ عُظمى 

ونموّي خشوعٌ يَجعلُها تُسبّح 

وإزهاري جمالٌ مُبكٍ 

وإثماري حُبور

أتعرفين ... هل يلوحُ لكِ بريقٌ من أمل؟

هل أَدْرَكتْ بَعْدُ اتّجاه العمل؟

...

(7)

– هيَ –

أتعلمين؟

هذه المرة دارَ بيننا حوار

مُختصراً ربّما ... سريعاً دار

قلتُ له

قد تعبت

لم يبق لديّ انتباهاً أُعطيه

ولا مُقاومةً تُقوّه وتحميه ... أو ما تبقى منه

قالَ لي

كنتُ هناك ... حتّى فهمتْ

شيءٌ مّا في ذهنيَ اِلْتَمعَ ... اِرْتَبطَ ... ربّما أقول

شعورٌ مّا هوَ في الذهنِ يُشبه الوصول

أَخْبَرني وقتئذ، أمراً بديهياً ...ربّما

لم أتأمّله قبل الآن

أنّ التخليّ قد حان

قلتُ له 

ماذا بعد؟ 

ماذا عن: من زرعَ حصد

أينَ الحصاد؟ والطاقةُ أخمدت

والغضبُ عَليّ التبَس ... والقوى أُنهكت

قالَ لي

تركٌ لما لا ينفع وقد يضرّ

سعيٌ دؤوب ... مُستمرَ

متواصلٌ ما استطعت

منضبطٌ بإرادة

مُتكرّرٌ أحياناً

استثنائيٌّ أحياناً أُخر

Next
Next

المقهى: حاضنة اللغة والحكايات