عالم وناقد وبقرة دخلوا معرض فني.. ماذا رأوا في الفن؟

كتابة إلهام الدوسري، فنانة وكاتبة


يثير الفنان مارك تانسي في لوحته بعنوان اختبار النظرة البريئة، (والمصاحبة لمقال علي المجنوني المثري والمنشور في تجلّي ثلوثين حول صدامات فريقين من التوجهات الفنية)، تساؤلات حول تصوراتنا لواقع مصوّر لاسيما في سياق الفن الحديث، من أهمها

هل نستنير من خلال رؤية الأعمال الفنية ببراءة جاهل.. أو حتى بقرة؟


يقول تانسي عن التصور والحقيقة

خلال أعمالي، أبحث عن وظائف تصويرية تستند إلى فكرة أن الصورة المرسومة تدرك أنها ذاتها مجازية وبلاغية وتحولية وخيالية. وأنا لا أرسم صور لأشياء موجودة في العالم، بل هي سرديات لم تحدث أبدا. وبدلا عن تأكيد حقيقة واحدة، تبحث أعمالي في كيفية تفاعل وكشط الحقائق المختلفة، وأن كشط الحقائق يبدأ من الوسط أو المواد المستخدمة


اختبار النظرة البريئة ١٩٨١- الفنان مارك تانسي

يعكس تانسي تساؤلاته من خلال مشهد متخيل يرسمه لبقرة تقف أمام لوحة للفنان الهولندي بولوس بوتر لأبقار أخرى، تم كشف الستار عنها في صالة معرض فني في حضور مجموعة من المنسقين الفنيين والنقاد والباحثين أو العلماء لقياس مدى استجابتها لتصوير الأبقار الأخرى. بجانب هذه اللوحة، أخرى للفنان مونيه عن أكوام من القش.

في لوحته، يدمج تانسي بين أسلوب التصوير الفوتوغرافي القديم والرسم الكلاسيكي في استخدامه للّون والفرشة، وبين دقة التفاصيل وعمق المواضيع المتناولة في فن ما بعد الحداثة والفن المفاهيمي

وبذلك، تطرح لوحته أسئلة جديدة بدل تقديم إجابات أو حقائق ثابتة كما في الفن الكلاسيكي والحديث

هل تعتقد البقرة من خلال نظرتها البريئة - من التنظير وتاريخ الفن - أن التصور الفني واقعاً صادقاً بالرغم من سياقه في معرض فني؟

هل رأت نفسها ونوعها في اللوحة؟ 

وهل استثارت موضوعات اللوحتين غريزتها وجوعها؟


أَم تراها لوحة بألوان مسطحة ترتكز على جدار أملس كما يراها المتذوق والناقد والمثقف؟

وهل إذاً المقصود في اللوحة هو احتمالية قصور نظرة الناقد وليس الحيوان؟

ما سبب وجود هذه التساؤلات داخل معرض فني؟

لماذا يمسك أحدهم ممسحة بالقرب من البقرة؟ وأين ذهبت كومة القش الثانية في لوحة مونيه الأساسية؟

لماذا تنظر الأبقار إلى البقرة خارج اللوحة؟ هل يرونها؟ 

هل نحن إذاً داخل اللوحة موضع التحقيق؟

وأخيرا
هل يدعونا تانسي للتساؤل حول تصوراتنا لمعانِ وأشكال الأعمال الفنية وسياق المعارض الفنية؟

أم إلى البحث في دمج الأساليب والأشكال الفنية المألوفة لتجديد براءة تساؤلاتنا؟

Previous
Previous

العمل الفني: الابتكار من الداخل والتفاعل مع الخارج

Next
Next

رأيان في الممارسة الفنية، موقفٌ واحدٌ من تقدمية الفن