حدائق الفن في شتاء الرياض
كتابة نوف العوفي
يقول روجر سكروتون
قد نجد في الجمال والفن مواساة وقداسة تُلهم وتُنعش الروح البائسة
لا شيء أكثر مواساة من العيش في كنف الفن. ولا شيء قادر على إحياء روح الإنسان مثل اكتشاف أماكن جديدة تسكنها الألفة والسلام وسط صخب المدن الكبرى. فليست الأماكن من تنعش روح الإنسان، بل أن قدرة الإنسان هي من تنعشها في أكثر الأماكن اعتيادًا من خلال خلق عالم من الفن والجمال.
نبحث في حدائق الأحياء عن ملاذ يجمعنا بأصحاب الأرواح المفعمة بالشغف وحب الفن. ولعل الصدف المحاكة بفعل القدر، هي ما يلون روتين أيامنا المملة، كما قادتني الأقدار وسط حديقة "واحة نجد". تلك الحديقة التي أصبحت في ذاكرة خاصة مشبعة بحوارات الفن والفلسفة. وكان فيها لقاء مجتمع ثلوثين أشبه بليلة دافئة تَحُفّها هالة من السكون والسلام، تمتلئ بحوارات وضحكات وقهوة وأغنيات وقصائد، تشبه اجتماع الأسرة حول نار مشعة في بيت خشبي.
كان لقاءً حالمًا لأرواح تحمل شغفًا من نوع فاخر. تحدثنا عن المعنى من منظور فلسفي وآخر معماري. ووجدت أن المفعمين بحب الفن تجمعهم صفات مشتركة بين التواضع، والإنصات، والانتماء للطبيعة الأم. نجلس على الأرض، وننصت للحكايات والكلمات. وبملامح هادئة نحدق في وجوه بعضنا بابتسامات ناعمة تشبه روح السماء الهادئة في تلك البقعة الفاتنة.
في حوارات الفن يسمو البشر عن حدود النقد والأحكام، ويبحرون في عوالم فردوسية، أشبه بالتنقل في متحف ضخم يحوي أعمالًا فنية عظيمة، تلبسها مشاعر دهشة، وخشوع، والتصاق كامل بتفاصيل الجمال وحسب.