القيمة.. بين الكتاب والمكتبة

كتابة باسل إبراهيم


يشاركنا باسل إبراهيم أولى التدوينات في منصة ثلوثين، وفيها ينقل لنا تجربته ونظرته تجاه قيمة الكتب والمكتبات، متأثرا بمكتبة والديه

باسل إبراهيم طالب طب وقارئ وكاتب ناشئ، شغفه موجود بالكتابة، والمقالات لها النصيب الأكبر من قلمه. كانت مقالاته حبيسة تدويناته الشخصية، وبدأ بنشر أولى مقالاته مع منصة ثلوثين، ويسعى أن تكون بداية لكتابة اسمه في عالم الكُتاب

بواسطة مدجورني

صنعها والداي، وعبرها حدّثني غازي وعبّاس، روت لي أجاثا، ألهمني باولو كويلو، ثقّفني عن طريقها جوستاف لي بون. عشتُ أكثر من حياة معها.. حكى لي وليد الشعلان عن اعتقاده بمخطوطة فيويتيتش، وبواسطتها أقنعني المتنبي بأنه أفصح شعراء المسلمين

ما بين شعر ونثر، ما بين خيال وواقع، روايات تُحكى وبدايات تُهدى. هي ملجأ عند الشعور بالملل، ونهر من المعرفة، ودائمًا ما تكون صورتها إيجابية لدى الناس، ولكن هل هي بالفعل إيجابية؟

كيف حال الكتب مع تقلب قيمتها؟

في الماضي، كانت للكتب قيمة أكبر؛ لكونها مصدرًا أساسيًا وقد يكون وحيدًا للعلم والمعرفة، أما الآن فمصادر المعرفة الأُخرى تفوق الكتب، ولكن هل هذا يُفقد الكتب جوهرها؟ بالطبع لا، لم ولن تفقد الكتب جوهرها الرئيسي، إنما قد تتغير نظرة القارئ عن الكتب

فسابقًا كانت الكتب مدرسة بذاتها، شاملة للعلم والمعرفة والثقافة والفنون، أما الآن فقد فقدت الكتب جزءًا من كونها مصدرًا للمعرفة وأصبحت محضنًا للإبداع في الكتابة من قِبل الكُتاب، ومساحة نقد واستمتاعٍ للقرّاء. وبالطبع، هذا لا يعطي أفضلية الكتب في السابق على الكتب في عصرنا، ولا العكس، ولا يلزمنا المقارنة بينهم

بواسطة مدجورني

ماذا عن حال المكتبات وتقلباتها؟

الكتاب هو عنصر البناء، فما هو المبنى؟ المكتبة، وأقصد بها تلك التي نحن من يصنعُها لكي تصنعنا هي لاحقًا. كل فرد يملك عالمه المكتبي الخاص، إن صح التعبير. كل منا يختار ما يجده مفيدًا له من الكتب أو على الأقل ما يجده ممتعًا ومناسبًا له، وبالمقابل، قد تؤثر بعض الكتب في ما نحن عليه، سلوكنا، شخصياتنا، أو حتى كلامنا. وبناءً على اختلاف قيمة الكتب، فبالتأكيد تختلف المكتبات عمّا كانت عليه. كذلك المكتبة كما الكتب، لم ولن تفقد جوهرها، إنما تغيرها يكمن في أن أصبح الجانب العاطفي منا لمكتباتنا أكبر، وأصبح يفضل القراءة من يستمتع فيها، لا من يقضي وقت فراغه فيها، أو يتعلم منها، بل هي جزء لا يتجزأ من حياة القارئ، كيف لا وهو من بناها وبنت جزءًا منه؟

بواسطة مدجورني

أين تكمن القيمة؟

اتضح أن القيمة في النهاية للمكتبات لا للكتب، ونحن من يصنع مكتباتنا التي قد تعكس شخصياتنا أو ننعكس عليها. يتبادر السؤال عن الفرق بين المكتبات قديمًا وحديثًا وسبب تغيرها؟ أجد الجواب في ثلاث، أولًا سهولة تأليف كتاب أو رواية في عصرنا وإصدارها بغض النظر عن جودتها ومحتواها. ثانيًا، التحرر من المحتوى الثقافي المعرفي الذي كان ما يجب أن تكون عليه الكتب. ثالثًا، أصبحت الكتب إبداعيةً لا منهجية ذات مسلمات، وأرى أن السبب يعود لندرة استخدام اللغة الفصيحة

ختامًا، عاد الناس للكتب بغض النظر عما هي عليه، ويعود الفضل لله ثم لجهود وزارة الثقافة، والهيئات والمبادرات التابعة لها، والمكتبات التجارية البسيطة التي تسعى لإحياء الأدب العربي كما كان، وأفضل

Previous
Previous

الفن والاستشراق